التّسامح في الإسلام

نظّم المجلس الإسلامي الأعلى ملتقى دوليا في موضوع:” التسامح في الإسلام”  انعقد في فندق الأوراسي بالجزائر في الفترة من 26 إلى 28 ربيع الأول 1430هـ/ الموافق 23 إلى 25 مارس 2009م.

شارك في فعاليات الملتقى نخبة من الأساتذة والباحثين من مختلف الجامعات الجزائرية وبعض الجامعات الفرنسية وعدد من رجال الفكر والثقافة والإعلام؛ كما حضر أشغاله شخصيات علمية ووطنية.

وقد جرت أعمال الملتقى في جلسات عامة وفي لجان أربع؛ وتناولت بالبحث والدراسة، المحاور الآتية  :

01-     التسامح من خلال النصوص المرجعية : القرآن والسنة واجتهاد كبار العلماء.

02-     المواقف البارزة لشخصيات إسلامية، اشتهرت بالتسامح.

03-     التسامح عند المسلمين اليوم.

04-     التسامح في نظر غير المسلمين بين الإنصاف والإجحاف.

بعد الاستماع إلى المحاضرات التي ألقاها أساتذة مختصون وتلتها تعقيبات ومناقشات أثرت فعاليات الملتقى في جلساته العامة وفي اجتماعات لجانه. استخلص المشاركون فيه النتائج الآتية :

01-   إنّ سماحة الإسلام تبرز في منهج الدعوة إلى الله بالحسنى وتتأكّد النزعة الإنسانية فيه وهو يدعو إلى العدل والإحسان والرحمة والسلام والحب والإيثار والتضامن والمساواة. من سماحة هذا الدين الحنيف أنّ تعاليمه ميسّرة لا عسر فيها وشريعته لا تكلّف ولا تعقيد فيها.

02-  إنّ طابع التسامح في الإسلام يعدّ أكبر مميّزات شريعته السّمحة و تظهر آثاره في كل ما جاءت به من تشريعات وتوجيهات تتعلق بحياة الفرد وحياة المجتمع فضلاً عن علاقات الإنسان بأخيه الإنسان.

03-   يزداد موضوع التسامح أهمية في الظروف الدولية الراهنة حيث يتعرّض الإسلام لهجمة شرسة إنه يتّهم باطلاً بالتشدّد والعنف والإرهاب وهو الدّين الذي جعل الله رسالته رحمة للعالمين. تتجلّى هذه الرحمة في سماحته ومُثُلِه العليا التي يدعو إليها لتسود القيم الإنسانية ويتحقق بين النّاس معنى السعادة الحقيقية.

04-  إنّ تعميق القراءة للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة وحسن الفهم لنصوص الوحي الإلهي من الأولويات التي ينبغي للعلماء المختصين أن تتجه إليها عنايتهم ليفيدوا الأمة بنتائج أبحاثهم ويظهروا صورة الإسلام الحقة ونظرته المتوازنة السمحة للإنسان والكون والحياة.

05-   إنّ الأمة الإسلامية أحوج ما تكون إلى نشر قيم التسامح بين أبنائها ولعلّ المجتمع الجزائريّ أكثر تفهّمًا لأهمية التسامح وإدراكًا للحاجة الماسة إلى إشاعته بين أفراده ليستعيد عافيته وقوّته ويعود إلى وضعه الصحيح أسرة واحدة تجمعه المحبّة ويسوده الإخاء.

06-   إنَّ المسلمين وهم يمثلون قيّم التّسامح في الإسلام يمدّون أيديهم للآخرين ويفتحون قلوبهم للنّاس ويقيمون علاقاتهم مع مَن يتعايشون ويتعاملون معهم بسماحة نفس وسعة أفق ولكنهم لا يجدون بالمقابل تجاوبًا في كثير من المجتمعات عبر العالم؛ ممّا يزيد في تأزيم العلاقات بين شعوبه، و من ثَمَّ فشل الجهود المبذولة في إطار الحوار بين الثقافات والحضارات بسبب السياسة المنتهجة، التّي تتّسم بازدواجية المعايير والكيل بمكيالين.

07-   إنّ القيّم الإنسانية في الإسلام والتعاليم السمحة لنظامه العادل تشكّل منهجًا قويمًا لمنظومة متكاملة تصلح لتكون معيارًا أخلاقيا وميزانًا ثابتًا يلتزم به الجميع ويرجعون إليه في جميع أوضاعهم ويقيمون عليه علاقاتهم ويقوّمون في ضوئه أعمالهم ومعاملاتهم. ومن شأن هذا الميثاق الأخلاقيّ أن يكون قاعدة لتعاون مثمر بين شعوب العالم على اختلاف أنظمتها وتباين مناهجها واختياراتها.

وفي ضوء النتائج المستخلصة يوصي المشاركون في الملتقى بما يأتي :

01- العمل لنشر ثقافة التسامح بكل الوسائل المتاحة من خلال التعريف بسيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المثل الأعلى للسموّ الأخلاقي والقدوة المثلى للتّسامح وكذلك سيرة أصحابه وتلامذتهم ومَن جاء بعدهم ممَّن اتبعوهم بإحسان كالفاتح صلاح الدّين الأيوبي والأمير عبد القادر الجزائريّ.

02- العمل لإبراز القيّم السّامية التي يتميّز بها الإسلام و التعريف بسماحة دعوته التي تفيض بالرّحمة واللّين والصفح والإحسان وذلك من خلال علاقات التواصل مع أبناء الديانات السماوية والمؤسسات والمنظمات الثقافية عبر العالم وإيجاد الآليات المناسبة لتصحيح المفاهيم عن الإسلام وحقيقة رسالته ومقاصد شريعته.

03-  تَنَاول المواضيع  المتصلة بالتّسامح في الخطاب المسجديّ وفي الدروس والندوات  التي تُنظَّم في الزوايا والمؤسسات الدينية والتربوية والثقافية.

04- تضمين البرامج الدراسية في مختلف مراحل التعليم نصوصًا من الكتاب والسنّة وتراث السلف الصّالح تتعلق بخلق التّسامح وأثره في الأفراد والمجتمعات.

05-      دعوة المجلس الإسلامي الأعلى إلى وضع برنامج سنوي لنشر الثقافة الإسلامية في الجامعات والمؤسسات الثقافية والاستعانة على ذلك بدعاة أكفاء لهذه الرسالة النبيلة.

06-       إرسال نخبة من الدعاة المؤهّلين لتقديم صورة الإسلام الصحيحة ونشر قيّمه السّمحة.

07-       دعوة وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمقروءة إلى إيلاء عناية خاصة بنشر ثقافة التسامح في الإسلام.

هذا ويبارك المشاركون في الملتقى انطلاق قناة القرآن الكريم بالجزائر وينوهون بالجهود التي بُذلت لتحقيق هذا المشروع ويعبّرون عن الأمل في أن تكون قناة إسلامية متميّزة تعمل لتأصيل الثقافة الإسلامية وبلورة الشخصية الإسلامية وتسهم في المحافظة على مقوّمات الأمة ووحدتها الجامعة.

و الله وليّ الإعانـة والتوفيق.

                           الجزائر في 28 ربيع الأول 1430هـ/ 25/03/2009م

رئيس المجلس الإسلامي الأعلى

الدكتــــور أبو عمـران الشيــخ