شروط الحوار المثمر بين الثقافات والحضارات
بسم الله الرحمن الرحيم
إن ملتقى {شروط الحوار المثمر بين الثقافات والحضارات}، الذي نظمه المجلس الإسلامي الأعلى في الفترة ما بين 21 و 23 محرم 1424هــ الموافق 24 إلى 26 مارس 2003م بالجزائر، ينعقد في ظرف اهتّز فيه الضمير الإنساني العالمي الحر،ّ لما يتعرّض له الشعب العراقي الشقيق من ظلم وعدوان.
وإن المشاركين في هذا الملتقى، إذ يشيدون بالموقف المشرّف الذي أعلنه فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية، في خطابه الافتتاحي للملتقى، بخصوص هذه الحرب العدوانية الظالمة ؛ يعربون عن تفاؤلهم بمستقبل أفضل للعالم، يتحقق فيه السلام المبني على العدل واحترام حقوق الشعوب والأمم، بفضل موجات الاستنكار الصاخبة المتزايدة يوميا في كل بقاع الأرض، مستنكرة ومندّدة بهذا العدوان الخارج عن إطار الشرعية الدولية، وبفضل تنامي الوعي بـخطر الهيمنة و الأحادية والاستكبار.
وإن المشاركين في الملتقى، الذين يندّدون بمنطق الحرب والعدوان، يدعون كل أحرار العالم للوقوف إلى جانب جميع المستضعفين من الشعوب المستهدفة في حياتها وأعراضها وممتلكاتها، ولا سيما الشعبان العراقي والفلسطيني.
و بعد حوادث 11 سبتمبر المؤلمة، ينظر الملتقون، بقلق، إلى ما يجري في الولايات المتحدة الأمريكية من مضايقات للمجتمع المسلم الذي يشكل شريحة هامة من شرائح الشعب الأمريكي، ويتمنون من حكومة الولايات المتحدة أن تحترم الخصوصيات الإسلامية لهذا المجتمع؛ و أن تتجنب ما يؤدي إلى التفرقة بين المسلمين و غيرهم؛ فمن شأن ذلك أن يسيئ إلى المسلمين كافة في جميع أنحاء العالم، و لن يكون في مصلحة علاقات أمريكا في العالم كلّه.
هذا؛ وبعد أن بارك الملتقون انعقاد الملتقى في أرض الجزائر التي اقترن تاريخها الطويل بتلاقي الحضارات، والتواصل الإيجابي بينها، قد أكدّوا جميعا أهمية هذا النهج، ليكون أساسا في التعايش بين الشعوب والأمم، ونبذ فكرة ِصدَامْ الحضارات المبنية على منطق القوة والاستعلاء.
كما دعا المشاركون في الملتقى إلى إزالة كل محاولات التشويه التي يضعها المغرضون على صورة الإسلام، والعمل لإظهار الصورة الحقيقية للدين الحنيف، باعتباره دين أمن وسلام على البشرية، ورسالة حضارية عالمية، يدعو إلى الحوار والتسامح، ويرفض التهميش و الإقصاء، كما يرفض كل أشكال التطرّف والعنف والإرهاب.
والله وليّ الإعانــــــــة والتوفيـــــــــق.
التوصيات:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الأساتذة المشاركين في ملتقى {شروط الحوار المثمر بين الثقافات والحضارات}، المنعقد في الجزائر، في الفترة ما بين 21 و 23 محرم 1424هــ، الموافق 24 إلى26 مارس 2003م ؛
بعد استماعهم إلى الخطاب الافتتاحي لفخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، واتّخاذهم إيّاه وثيقة عمل، استناروا بها في أبحاثهم ؛
وبعد استيفائهم، بالدراسة والبحث، مختلف النقاط المدرجة في جدول أعمال الملتقى ؛
يوصــــون بــــما يأتي :
- إبراز أهمية الحوار بين الثقافات والحضارات القائم على احترام الآخر، وقبوله بخصوصياته المتميّزة.
- تكثيف التواصل بين حضارتي الشرق والغرب، واستمرار الحوار بينهما ؛ بالتركيز على القواسم الإنسانية المشتركة ؛ قصد التعارف والتعاون، لتحقيق التكامل الحضاري.
- تكثيف الجامعات الإسلامية لبرامج الحوار، وتأسيسها في مناهجها ومقرّراتها، قصد تنشئة الأجيال المتعلمة على مبدإ الحوار و التفاهم ؛ وذلك بتوفير المراجع العلمية الكافية لجعل هذه المقررات مؤثرة وفاعلة، مع التركيز على ما يزخر به التراث الإسلامي في هذا المجال.
- ضرورة إعادة النظر في المناهج والكتب المدرسية و الجامعية التي تعتمد التميّز الثقافي والحضاري، قصد تنقيتها من عناصر التعصب و التطرف، لكي تبرز المعاني الإيجابية لروح الحوار، والتواصل والتفاعل الثقافي الحضاري المفضي إلى التفاهم والسلام الإنساني.
- تكريس ثقافة الحوار في المستوى الداخلي ؛ وإرساء دعائمه، كخطوة أساسية أولى لإقامة الحوار مع بقية الثقافات و الحضارات.
- إعطاء ثقافة الحوار حيّزا أكبر في الخطاب المسجدي، باعتبار المسجد أكثر المؤسسات قدسية وفعالية في التأثير والتوجيه، سواء داخل المجتمع الإسلاميّ الواحد، أو فيما بينه وبين غيره من المجتمعات.
- إثراء برامج الحوار الثقافي والحضاري في وسائل الاتصال الجماهيري.
- إبراز الدراسات الإنسانية البارزة؛ التي تقوم على الإيمان بوحدة الإنسانية ووحدة الأرض، والتعدّدية الثقافية والحضارية، في إطار الوحدة الإنسانية الجامعة و حقّ سائر الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.
- تأسيس منظّمة مختصّة بنشر اللغة العربية، و تيسير تعليمها، بصفتها لغة القرآن الكريم و هي أيضا لغة فكر حرّ وثقافة إنسانية مفتوحة على التواصل الحضاري.
- عقد ملتقيات دولية خاصة بالحوار بين الثقافات و الحضارات في مختلف الأقطار.
والله وليّ الإعانــــــــة والتوفيـــــق